سورة النساء - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


قوله تعالى: {الرجال قوّامون على النساء} سبب نزولها: أن رجلاً لطم زوجته لطمةً فاستعدت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح، عن ابن عباس. وذكر المفسّرون أنه سعد بن الربيع الأنصاري. قال ابن عباس: {قوّامون} أي: مسلّطون على تأديب النساء في الحق. وروى هشام ابن محمد، عن أبيه في قوله: {الرجال قوّامون على النساء} قال: إِذا كانوا رجالاً، وأنشد:
أكل امرئٍ تحسبين امرءاً *** وناراً توقّدُّ باللَّيل نارا
قوله تعالى: {بما فضل الله بعضهم على بعض} يعني: الرجال على النساء، وفضل الرجل على المرأة بزيادة العقل، وتوفير الحظ في الميراث، والغنيمة، والجمعة، والجماعات، والخلافة، والإمارة، والجهاد، وجعل الطلاق إليه إلى غير ذلك.
قوله تعالى: {وبما أنفقوا من أموالهم} قال ابن عباس يعني: المهر والنفقة عليهن.
وفي {الصالحات} قولان:
أحدهما: المحسنات إِلى أزواجهن، قاله ابن عباس.
والثاني: العاملات بالخير، قاله ابن مبارك. قال ابن عباس. و{القانتات}: المطيعات لله في أزواجهن، والحافظات للغيب، أي: لغيب أزواجهن. وقال عطاء، وقتادة: يحفظن ما غاب عنه الأزواج من الأموال، وما يجب عليهن من صيانة أنفسهن لهم.
قوله تعالى: {بما حفظ الله} قرأ الجمهور برفع اسم {الله} وفي معنى الكلام على قراءتهم ثلاثة أقوال.
أحدها: بحفظ الله إِياهن، قاله ابن عباس، ومجاهد، وعطاء، ومقاتل. وروى ابن المبارك، عن سفيان، قال: بحفظ الله إِياها أن جعلها كذلك.
والثاني: بما حفظ الله لهن مهورهن، وإيجاب نفقتهن، قاله الزجاج.
والثالث: أن معناه: حافظات للغيب بالشيء الذي يحفظ به أمر الله، حكاه الزجاج. وقرأ أبو جعفر بنصب اسم الله. والمعنى: بحفظهن الله في طاعته.
قوله تعالى: {واللاتي تخافون نشوزهن} في الخوف قولان:
أحدهما: أنه بمعنى العلم، قاله ابن عباس.
والثاني: بمعنى الظن لما يبدو من دلائِل النشوز، قاله الفراء، وأنشد:
وما خِفْتُ يا سلاَّم أنّك عائِبي ***
قال ابن قتيبة: والنشوز: بغض المرأة للزوج، يقال: نَشَزَت المرأة على زوجها، ونشصت: إِذا فركته، ولم تطمئن عنده، وأصل النشوز: الانزعاج. وقال الزجاج: أصله من النشز، وهو المكان المرتفع من الأرض.
قوله تعالى: {فعظوهن} قال الخليل: الوعظ: التذكير بالخير فيما يرق له القلب. قال الحسن: يعظها بلسانه، فان أبت وإِلا هجرها. واختلفوا في المراد بالهجر في المضجع على أربعة أقوال.
أحدها: أنه ترك الجماع، رواه سعيد بن جبير، وابن أبي طلحة، والعوفي، عن ابن عباس، وبه قال ابن جبير، ومقاتل.
والثاني: أنه ترك الكلام، لا ترك الجماع، رواه أبو الضحى، عن ابن عباس، وخصيف، عن عكرمة، وبه قال السدي، والثوري.
والثالث: أنه قول الهُجْرِ من الكلام في المضاجع، روي عن ابن عباس، والحسن، وعكرمة.
فيكون المعنى: قولوا لهنَّ في المضاجع هُجْراً من القول.
والرابع: أنه هجر فراشها، ومضاجعتها. روي عن الحسن، والشعبي، ومجاهد، والنخعي، ومقسم، وقتادة. قال ابن عباس: اهجرها في المضجع، فان أقبلت وإِلاَّ فقد أذن الله لك أن تضرِبَها ضرباً غير مبرّح. وقال جماعة من أهل العلم: الآية على الترتيب، فالوعظ عند خوف النشوز، والهجر عند ظهور النشوز، والضرب عند تكرّره، واللجاج فيه. ولا يجوز الضرب عند ابتداء النشوز، قال القاضي أبو يعلى: وعلى هذا مذهب أحمد. وقال الشافعي: يجوز ضربها في ابتداء النشوز.
قوله تعالى: {فان أطعنكم} قال ابن عباس: يعني في المضجع {فلا تبغوا عليهن سبيلاً} أي: فلا تتجنّ عليها العلل. وقال سفيان بن عيينة: لا تكلّفها الحُبَّ، لأن قلبها ليس في يدها. وقال ابن جرير: المعنى: فلا تلتمسوا سبيلاً إِلى ما لا يحل لكم من أبدانهن وأموالهن بالعلل، وذلك أن تقول لها وهي مطيعة لك: لست لي مُحبّة، فتضربها، أو تؤذيها.
قوله تعالى: {إن الله كان علياً كبيراً} قال أبو سليمان الدمشقي: لا تبغوا على أزواجكم، فهو ينتصر لهن منكم. وقال الخطابي: الكبير: الموصوف بالجلال، وكبر الشأن، يصغر دون جلاله كل كبير. ويقال: هو الذي كبر عن شبه المخلوقين.


قوله تعالى: {وإِن خفتم شقاق بينهما} في الخوف قولان. أحدهما: أنه الحذر مِن وجود ما لا يتيقّن وُجوده، قاله الزجاج.
والثاني: أنه العلم، قاله أبو سليمان الدمشقي. قال الزجاج: والشقاق: العداوة، واشتقاقه من المتشاقين، كل صنف منهم في شقّ. و{الحكم}: هو القيّم بما يسند إِليه. وفي المأمور بانفاذ الحكمين قولان:
أحدهما: أنه السلطان إذا ترافعا إليه، قاله سعيد بن جبير، والضحاك. والثاني: الزوجان، قاله السدي.
قوله تعالى: {إن يريدا إِصلاحاً} قال ابن عباس: يعني الحكمين. وفي قوله: {يوفق الله بينهما} قولان:
أحدهما: أنه راجع إلى الحكمين، قاله ابن عباس، وابن جبير، ومجاهد، وعطاء، والسدي، والجمهور.
والثاني: أنه راجع إلى الزوجين، ذكره بعض المفسّرين.
فصل:
والحكمان وكيلان للزوجين، ويُعتبرُ رضى الزوجين فيما يحكمان به، هذا قول أحمد، وأبي حنيفة، وأصحابه. وقال مالك، والشافعي: لا يفتقرُ حكمُ الحكمين إلى رضى الزوجين.


قوله تعالى: {واعبدوا الله} قال ابن عباس: وحِّدوه.
قوله تعالى: {وبالوالدين إِحساناً} قال الفرّاء: أغراهم بالإِحسان إِلى الوالدين.
قوله تعالى: {والجارِ ذي القربى} فيه قولان:
أحدهما: أنه الجار الذي بينك وبينه قرابة، قاله ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك، وقتادة، وابن زيد، ومقاتل في آخرين.
والثاني: أنه الجار المسلم، قاله نوف الشامي. فيكون المعنى: ذي القربى منكم بالإِسلام.
قوله تعالى: {والجار الجنب} روى المفضّل، عن عاصم: والجار الجنب بفتح الجيم، وإِسكان النون. قال أبو علي: المعنى: والجار ذي الجنب، فحذف المضاف. وفي الجار الجنب ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه الغريب الذي ليس بينك وبينه قرابة، قاله ابن عباس، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة، والضحاك، وابن زيد، ومقاتل في آخرين.
والثاني: أنه جارك عن يمينك، وعن شمالك، وبين يديك، وخلفك، رواه الضحاك، عن ابن عباس.
والثالث: أنه اليهودي والنصراني، قاله نوف الشامي.
وفي الصاحب بالجنب ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه الزوجة، قاله علي، وابن مسعود، والحسن، وإبراهيم النخعي، وابن أبي ليلى.
والثاني: أنه الرفيق في السفر، قاله ابن عباس في رواية مجاهد، وقتادة، والضحاك، والسدي، وابن قتيبة. وعن سعيد بن جبير كالقولين.
والثالث: أنه الرفيق، رواه ابن جريج، عن ابن عباس، وبه قال عكرمة.
قال ابن زيد: هو الذي يلصق بك رجاء خيرك. وقال مقاتل: هو رفيقك حضراً وسفراً. وفي ابن السبيل أقوال قد ذكرناها في {البقرة}.
قوله تعالى: {وما ملكت أيمانكم} يعني: المملوكين. وقال بعضهم: يدخل فيه الحيوان البهيم. قال ابن عباس: والمحتال: البطرُ في مشيته، والفخور: المفتخر على الناس بكبره. وقال مجاهد: هو الذي يعد ما أعطى، ولا يشكر الله، وقال ابن قتيبة: المختال: ذو الخيلاء والكبر. وقال الزجاج: المختال: الصَّلِف التيّاه الجهول. وإِنما ذكر الاختيال هاهنا، لأن المختال يأنف من ذوي قراباته، ومن جيرانه إِذا كانوا فقراء.

8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15